المشكل في الكعكة لا في توزيعها

صرخة الصمت السبت نوفمبر 03, 2012 7:11 am

ما هو الجديد الذي يحمله مشروع القانون المالي الذي تقترحه علينا حكومة بنكيران لتدبير سنة أزمة خلال عام 2013؟ وما هي انتظارات المغاربة، فقراء وأغنياء ومتوسطي الحال، من هذه الميزانية؟
دعونا نتفق في البداية على أن الاختيارات الأولى خلف مشروع قانون المالية اختيارات سياسية أولا، واقتصادية ثانيا، واجتماعية ثالثا... نذهب للانتخابات ونصوت للأحزاب وننصب حكومات، ونعاقب أخرى على القرارات والحلول والنتائج التي تحملها لمشاكل اقتصادنا وجيوبنا ومستشفياتنا ومدارسنا...
المطلوب من حكومة بنكيران شيئان؛ أولا أن ترفع مداخيل البلاد الضعيفة، وثانيا أن توزع هذه المداخيل ب«العدل» والإنصاف على القطاعات الأكثر احتياجا، وفق التزاماتها مع الذين صوتوا لها في آخر انتخابات، فماذا نجد من هذين الأمرين عندما نقرأ مشروع القانون المالي؟
موارد البلاد المتوقعة سنة 2013، وجلها قادم من الضرائب، في حدود 345.9 مليار درهم، وكانت سنة 2012 في حدود 314.5 مليار درهم، أي بزيادة %9.9. هذه زيادة غير كافية تماما للقيام بأعباء الدولة والتزاماتها تجاه الشعب.
بأي معيار نقول إن 345.9 مليار درهم غير كافية؟ بالمقارنة مع بلاد في مستوانا مثل تونس التي لا بترول فيها ولا غاز وتقع في شمال إفريقيا ويعيش اقتصادها من الفلاحة والسياحة والخدمات، تبلغ ميزانية الجارة الخضراء 140 مليار درهم، في حين أن عدد سكان المغرب يضاعف ثلاث مرات عدد سكان جارتنا. إذا أراد المغرب أن يكون في مستوى تونس –وهذا طموح صغير جدا- يجب أن تكون ميزانيته السنوية في حدود 420 مليار درهم... لا نريد هنا أن نقارن بلادنا بتركيا التي تبلغ ميزانيتها 1500 مليار درهم، دعك من إسبانيا والبرتغال والدولة الأوربية.
عندما يدعو شخص 30 ضيفا إلى عيد ميلاده ويشتري حلوى (tarte) لا تكفي إلا لخمسة أشخاص، فهذا يخلق له مشاكل كثيرة كيفما كانت طريقة توزيعه للكعكة على الضيوف. المشكل الأول في المغرب اليوم أن كعكته صغيرة جدا، والمغاربة لا ينتظرون فقط من بنكيران أن يوزع هذه الكعكة على المواطنين بالتساوي والعدل، حتى وإن أعطاهم الفتات. المغاربة ينتظرون منه إعداد كعكة ل34 مليون نسمة، وإذاك نتحدث عن طريقة التوزيع.
%9.9 التي ازدادت في مداخيل الدولة جاءت، أولا، من النمو الطبيعي للمداخيل الضريبية، ثم من ضرائب جديدة فرضت على العقارات التي دخلت من المجال القروي إلى المجال الحضري (كانت في حدود %20 وأصبحت %30)، ثم جاءت من الزيادة في الضريبة على الشركات والأفراد الذين يتقاضون فوق 25 ألف درهم في الشهر، لتمويل صندوق التماسك الاجتماعي، وجاءت هذه الزيادة من ارتفاع عائدات المؤسسات العمومية، وفي مقدمتها المكتب الشريف للفوسفاط الذي يديره مصطفى التراب بكفاءة نادرة، بالإضافة إلى توقعات بارتفاع مداخيل أخرى ناتجة عن الإعفاءات من غرامات الباقي استخلاصه، وتخفيض الضريبة على أرباح الشركات الصغرى التي لا يتعدى هامش ربحها 200 ألف درهم.
هل كانت هناك إمكانية لزيادة أخرى في موارد الدولة الضعيفة؟ الجواب: نعم، والطريق إلى ذلك هو القرار السياسي مرة أخرى.
كان باستطاعة حكومة بنكيران أن تنهي عمر إعفاء الفلاحين الكبار من الضريبة ابتداء من يناير 2013، وعدم انتظار نهاية هذا الإعفاء إلى متم 2013. كان باستطاعة الحكومة زيادة الضريبة على العقار الذي أصبح يبيض ذهبا في أقفاص الحيتان الكبرى لهذا القطاع. كان باستطاعة الحكومة وضع ضريبة على الأراضي غير المبنية والتي تفسد سوق العقار بالمضاربات، وتدر دخلا خياليا على أصحابها دون جهد ولا مخاطرة ودون إنتاج أية قيمة مضافة.
كان على الحكومة أن تبحث عن طرق جديدة لتمويل البنيات التحتية مثل طريقة التفويت لأجل (Cession a terme)، لتمويل الطرق السيارة والمطارات والموانئ. ففي مصر، مثلا، كان مطار القاهرة بئيسا جدا، فأعطي لمستثمر خليجي أعاد بناءه وتجهيزه بالمليارات، ومُنح له حق استغلاله لمدة 25 سنة، فربحت الدولة مطارا دوليا، ووفرت أموال الاستثمار، وربح المسافرون خدمات لم يكونوا يحلمون بها
تحتاج الحكومة إلى «مختبرات» أفكار وحلول ومقترحات جديدة. مثلا، لماذا لا تدخل الحكومة %10 من أسهم المكتب الشريف للفوسفاط إلى البورصة، وتشترط اكتتاب المواطنين لا الشركات، وتربح حوالي 5 مليارات دولار، وتحقق حلما للمغاربة بامتلاك جزء من ثروتهم الوطنية...

الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت	الأحد
		1	2	3	4	5
6	7	8	9	10	11	12
13	14	15	16	17	18	19
20	21	22	23	24	25	26
27	28	29	30	31