حملة الاحتجاج بالتعري في العلن الى اين

صرخة الصمت الجمعة أبريل 12, 2013 1:02 pm

في الأيام القليلة الماضية ، ظهرت علي حيطان"الفيسبوك" دعوات إلى التعري وكانت الدعوة واضحة لمن يعنيهن الأمر من المغربيات:" أرسلي إلينا صورك عارية و سننشرها" هذه الدعوة تعتبر الشق المغربي من حملة عالمية لتعرية نساء من مختلف البلدان تحت شعارات ملتبسة و غامضة من الصعب أن يفهمها أحد.

هذه الحملة تأتي استمرارا لما قامت به فتاة مصرية قبل أشهر حين تعرت في الشارع العام رفقة فتاتين أروبيتين لأسباب قيل إنها سياسية، ثم توالت عمليات التعري في عدد من البلدان العربية كنوع من الهستيريا الجماعية، تعري الفتيات بدأ يتدثر بعد ذلك بأسباب مختلفة، فهذه تقول إنها ضد وصول الإسلاميين إلى السلطة، و أخرى تعتبر تعريها احتجاجا على ختان البنات، وثالثة أن جسدها ملك لها و ليس مصدر شرف لأحد... تعددت الأسباب و التعري واحد.

ما حدث هو أن أصحاب هذه الدعوة انتظروا طويلا أن تصلهم صورة فتاة مغربية عارية لنشرها، لكن ذلك لم يحدث، و عوضه ظهرت على صفحات" الفيسبوك" صورة امرأة ممدة على نعش خاص بنقل الموتى يحمله عدد من الرجال وهم يعبرون نهرا في منطقة نائية... المرأة الممدة في النعش ليست ميتة، بل هي فقط امرأة حامل فاجأها المخاض فلم يجد الناس طريقا معبدا يحملونها عبره نحو المستشفى، لذلك كان التابوت هو الحل، كانت هذه الصورة صفعة قوية لتلك الدعوات التافهة إلى التعري على" الفيسبوك"، هذا الحائط الانترنيتي الذي يبدع فيه الأذكياء و يتعرى فيه الأغبياء.

صورة المرأة الحامل في النعش كانت أقوى مليون مرة من صورة امرأة عارية، و حكايتها كانت أقسى من كل حكايات الفتيات التافهات اللواتي توقفت أدمغتهن عن العمل فقررن الكشف عن صدورهن...إنها صورة تشبه عصا موسى التي تحولت إلى أفعى عملاقة و أكلت كل الأفاعي الصغيرة التي اختلقها سحرة فرعون، على جدران " الفيسبوك" هناك اليوم ملايين المغاربة الذين يفكرون بشكل علني و يقولون ما لم يكن من الممكن قوله قبل سنوات ، ففي الماضي كان الناس يتميزون غيظا من أحوالهم فيكتفون بالانفجار غضبا في أي مكان، و أحيانا يكتبون أشياء على الجدران في الشوارع و يهربون خوفا من القايد و المقدم ، أما اليوم فإن المغاربة صاروا يمارسون حريتهم" الافتراضية " بكثير من الإبداع إلى ما هو أبعد من مجرد التعبير على جدران افتراضية، و أحيانا يبقى حيت هو، صورة المرأة المغربية في النعش ليست الأولى ، بل توجد في أماكن كثيرة من" أجمل بلد في العالم" و هناك بالتأكيد نسوة تم حملهن على النعش للذهاب بهن نحو المستشفى للولادة، لكنهن بقين في نفس النعش و تم التوجه بهن بعد ذلك نحو المقبرة.

إنها الصورة القاتمة لنساء لم تسمع بهن أبدا، أولئك الفتيات الغبيات اللواتي يطالبن بالتعري في حيطان " الفيسبوك" وقبل أسابيع جرف النهر فتاتين في عمر الزهور في منطقة قريبة من العرائش بسبب عدم وجود قنطرة.. كانتا تريدان فقط زيارة عائلتيهما أيام العيد، فكان أن جرى ما جرى و إلى اليوم لا توجد قنطرة في ذلك المكان و بعد الحادث، لم تقم تداعيات التعري بأي رد فعل على ما جرى ..إنهن يتعرين فقط ضد ختان البنات و ليس احتجاجا على غرق البنات.

وفي أقاصي الجبال فتيات صغيرات و فقيرات يمتن أو يعانين كل عام بسبب البرد و قلة الغداء وفي تلك الأماكن القاسية، لا تجد النسوة ملابس كافية للتدثر من قرس البرد و الفقر، و بينما حفنة من المعتوهات يطالبن بالتعري بين الأسلاك الدافئة لحواسبهن، صورة المرأة الحامل في النعش ليست فقط ردا على دعاة التعري، بل تأتي أيضا في وقت بدأ فيه تسخين" بندير" مهرجان"موازين" هذا المهرجان الذي تحول إلى محطة استفزاز سنوية يتبعها المغاربة كأنهم يتعرضون لقصف جوي ،ثم ينتهي المهرجان و ينتظر المغاربة قنابل أخرى في العام الموالي، كل العام يأتي مطربون و راقصون و مزمرون من مختلف مناطق العالم، يأخذون الملايير و يرحلون، بينما نستمر نحن في حمل نسائنا القرويات الحوامل على النعوش، هذه بلاد عارية أصلا و لا حاجة بها لحملات التعري على " الفيسبوك"وعلى الرغم من أن ظاهرة الاحتجاج بالتعري ليست حديثة إلا أنها أثارت جدلا واسعا في مختلف الأوساط.

فإلى أي حد يمكن اعتبار التعري أسلوبا ناجحا للاحتجاج؟

وهل لثقافة الاحتجاج حدود؟

وكيف تتعامل المجتمعات المسلمة مع هذا النوع من الاحتجاج؟

الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت	الأحد
		1	2	3	4	5
6	7	8	9	10	11	12
13	14	15	16	17	18	19
20	21	22	23	24	25	26
27	28	29	30	31